اليمين المتطرف في أوروبا يردد صدى سياسات ترامب
21.12.2025, 12:15
رفة الأخبار الأوروبية (إي إن آر)
بروكسل 21 ديسمبر/كانون الأول (د ب أ/إي إن آر) – تصدر نواب من حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف، عناوين الأخبار الأسبوع الماضي عندما حضروا حفلا رسميا استضافه "نادي الجمهوريين الشباب"، وهو فعالية مهمة لبناء العلاقات السياسية يتبع حزب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولم يكن هؤلاء وحدهم: هناك ساسة من دول أوروبية عديدة يظهرون إعجابا علنيا بالرئيس الأمريكي وسياساته، رغم هجمات حكومته على الاتحاد الأوروبي- أو ربما بسببها.
وغالبا ما يشعر هؤلاء الساسة اليمينيون بقرب أكبر من بعض النزعات السلطوية لدى ترامب مقارنة بالحركات الليبرالية أو الاشتراكية الديمقراطية في بلادهم.
ومنذ إعادة انتخاب ترامب، عبرت مجموعة من ساسة أوروبا البارزين وأحزاب يمينية كبرى – خاصة في المجر وإيطاليا وهولندا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والنمسا وبولندا – علنا، عن دعمها، أو إعجابها، بترامب.
كما وحد مؤيدو ترامب في أوروبا صفوفهم داخل البرلمان الأوروبي. فقد وضع تكتل "وطنيون من أجل أوروبا"، نفسه كفصيل مؤيد لترامب.
ويضم التكتل حزب فيدس المجري، والتجمع الوطني الفرنسي، وحزب الرابطة الإيطالي (ليجا)، وحزب الحرية النمساوي، وحزب المصلحة الفلمنكية البلجيكي، وحزب آنو التشيكي، وحزب الشعب الدنماركي، وحزب فوكس الإسباني، وحزب الحرية الهولندي، فصيلاً مؤيداً لترامب.
مجتمع الإعجاب المتبادل
وتقول نينا يانكوفيتش، المتخصصة في شؤون التضليل الإعلامي والتي عملت لدى وزارة الأمن الداخلي الأمريكية في عهد الرئيس السابق جو بايدن، إن الحركة المحافظة في الولايات المتحدة باتت، من جهتها، تتقرب بشكل أوضح من الحركات اليمينية المتطرفة في أوروبا مقارنة بفترة ولاية ترامب الأولى.
وأضافت "شهدنا بعضا من ذلك يحدث تحت السطح، لكن الآن أصبح سياسة رسمية."
وقال توماس كاروثرز، من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "لا يمكنني أن اتذكر وقتا كان فيه رئيس أمريكي على استعداد ليعلن على الملأ ما يفضله في انتخابات خارجية بهذه الطريقة، على الأقل في التاريخ الحديث."
ألمانيا
ويعد أعضاء بارزون في "البديل من أجل ألمانيا" ضيوفا دائمين في الفعاليات المحافظة بأمريكا. ولم تعلن زعيمة الحزب أليس فايدل بعد ما إذا كانت تعتزم زيارة أمريكا، لكنها تقول إنها تلقت "دعوات كثيرة" من واشنطن، وهي قيد البحث.
وتتشارك حركة "ماجا" (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا) التابعة لترامب و"حزب البديل" مقاربات متماثلةا حيال الهجرة والسياسات الاجتماعية، كما يعتبر الطرفان نفسيهما في مواجهة ما يصفانه بالهيمنة اليسارية في الديمقراطيات الغربية.
وانحاز جي دي فانس - نائب ترامب- ومستشاره السابق، رئيس شركة تسلا إيلون ماسك، إلى "حزب البديل" خلال الحملة الانتخابية الاتحادية في ألمانيا العام الجاري.
والتقى فانس فايدل، بشكل استعراضي على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/شباط الماضي، واتهم ألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين بتقييد حرية التعبير وتهميش أحزاب مثل البديل.
فرنسا
تسعى "ماجا" إلى التقارب مع اليمين المتطرف في فرنسا في إطار هجومها الأيديولوجي في الخارج منذ عودة ترامب لالسلطة، فيما تعرب السلطات الفرنسية عن قلقها إزاء تأثير ذلك قبيل الانتخابات الرئاسية المهمة في عام 2027.
ويرى حزب التجمع الوطني أرضية مشتركة مع الحركة المحافظة في أمريكا. وقال نائب رئيس الحزب لويس أليو: "تربطنا قضايا مثل مكافحة الهجرة وحماية الحدود"، إضافة إلى التنديد بثقافة "اليقظة".
وتوقع استطلاع في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي فوز زعيم الحزب جوردان بارديلا بالرئاسة في 2027، بغض النظر عن هوية منافسه في الجولة الثانية من التصويت. ورغم أنه ليس المرشح الرسمي للحزب، يتمتع السياسي البالغ من العمر 30 عاما بشعبية كبيرة للغاية.
أما مارين لوبان، التي خاضت المنافسة على المنصب ثلاث مرات، فهي ممنوعة من الترشح بعد إدانتها في قضية فساد، لكنها استأنفت ضد الحكم، ويتوقع إعادة محاكمتها مطلع العام المقبل.
إيطاليا
وتحتفظ الحكومة الإيطالية، برئاسة جورجا ميلوني، على موقف براجماتي (نفعي) ومتقارب أيديولوجيا مع ترامب، مستفيدة من علاقتها الشخصية به، للقيام بدور محتمل كجسر بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وكانت ميلوني الزعيمة الأوروبية الوحيدة التي حضرت حفل تنصيب ترامب، الثاني، في يناير/كانون الثاني الماضي. ويتقاسم حزبها اليميني، "إخوة إيطاليا" العديد من المواقف المحافظة مع ترامب، بما في ذلك التشدد إزاء الهجرة، والقيم الأسرية التقليدية، ومعارضة ثقافة "اليقظة".
غير أن ميلوني انتقدت الرسوم الجمركية الأمريكية على صادرات الاتحاد الأوروبي.
المجر
منح ترامب رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إعفاء لمدة عام من العقوبات المفروضة على شراء النفط والغاز من روسيا، وذلك عقب لقاء ودي جمع الحليفين اليمينيين في البيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ويتقاسم الطرفان كثيرا من المواقف السياسية، خاصة بشأن حرب أوكرانيا. ولطالما أشاد أوربان بترامب بوصفه "رئيس السلام"، ويعوّل عليه لإنهاء النزاع.
وفي المقابل، أيد ترامب بحماس موقف أوربان المتشدد من الهجرة، وقال إن على نظرائه في الاتحاد الأوروبي إظهار مزيد من الاحترام له.
وزار أوربان "صديقه العزيز" ترامب في مقر إقامته مارالاجو بولاية فلوريدا ثلاث مرات العام الماضي، غير أن عودة ترامب للسلطة كان لها تأثير متباين على المجر.
فمن جهة، سحبت واشنطن العقوبات المفروضة على مساعد أوربان البارز أنتال روجان، وأعادت للمجر وضعها ضمن برنامج الإعفاء من التأشيرات. ولكن من جهة أخرى، ألحقت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الاتحاد الأوروبي ضررا بالغا بصناعة السيارات المجرية الموجهة للتصدير، ما زاد من معاناة اقتصاد البلاد، الضعيف بالفعل.
ويمثل الركود الاقتصادي تحديا غير مسبوق لحكم أوربان الممتد منذ 15 عاما، مع اقتراب الانتخابات المقررة في أبريل/نيسان المقبل.
وقال كاروثرز: "تود نسبة واسعة جدا من قادة أوروبا أن يخسرفيكتور أوربان الانتخابات المقبلة، لكنهم لن يعلنوا ذلك".
بولندا
أيدت وزيرة الأمن الداخلي في أمريكا كريستي نويم الرئيس المحافظ كارول نافروتسكي، خلال زيارة لبولندا قبيل انتخابات يونيو/حزيران. كما أبدى ترامب دعمه لنافروتسكي، الذي كان شعار حملته الانتخابية "بولندا أولا! الشعب البولندي أولا"..
وعندما زار نافروتسكي البيت الأبيض في سبتمبر/أيلول الماضي، قال ترامب إنه فخور بتأييده له وهنأه على فوزه، وأضاف: " كان سباقا صعبا للغاية، وقاسيا، وقد هزمهم جميعا."
التشيك
وقدم رئيس الوزراء التشيكي القادم أندريه بابيش نفسه في الآونة الأخيرة بوصفه "ترامبيا" و"داعية سلام"، ورفض تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا. ويتعاطف بابيش مع سياسات ترامب، لكنه انتقد سياسة الرسوم الجمركية الأمريكية ووصفها بأنها "جنونية".
وكان زعيم حركة "آنو" رئيسا للوزراء بين عامي 2017 و2021 قبل أن يعود للسلطة في الانتخابات العامة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويعطي شعاره الانتخابي "جمهورية تشيك قوية" إشارة مباشرة إلى شعار ترامب "ماجا".
وغالبا ما تصف الصحف الأجنبية رئيس الوزراء العائد، الملياردير" بأنه "ترامب التشيك"، مشيرة إلى وصفة متشابهة لإنقاذ أوروبا، والتي تتمثل في معارضة الهجرة والسياسات الخضراء.
النمسا
يتقاسم حزب الحرية النمساوي، اليميني المتطرف، الكثير من الأسس الأيديولوجية مع ترامب في قضايا الهجرة والسيادة والتشكيك في الاتحاد الأوروبي. وكان زعيم الحزب هربرت كيكل ضمن قلة من ساسة أوروبا الذين دُعوا إلى حفل تنصيب ترامب الثاني، لكنه لم يحضر. ويرى كيكل ترامب قدوة له.
هولندا
يلقف خيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية الشعبوي، أحيانا بـ "ترامب الهولندي"، ويتشارك مع الرئيس الأمريكي مواقف مناهضة للهجرة وللنخب الحاكمة. غير أن حزبه لم يحقق النتائج المرجوة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
إسبانيا
هناك توافق واسع بين حزب فوكس الشعبوي اليميني في إسبانبا مع ترامب إزاء مجموعة من القضايا، منها حماية الحدود، والتشكيك في الاتحاد الأوروبي، والقيم الاجتماعية المحافظة.
واستضاف زعيم الحزب، سانتياجو أباسكال، فعالية بعنوان "لنجعل أوروبا عظيمة مجددا" في مدريد، بمشاركة قادة يمينيين أوروبيين آخرين.
بلغاريا
وصارت بلغاريا أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تعقد حوارا استراتيجيا مع الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب الجديدة.
وعلق عديد من ساسة البلاد الشهر الماضي على جهود ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا.
من راديف خطة ترامب للسلام بأنها "عقلانية"، وحذر من أن أوروبا تخاطر بإطالة أمد النزاع عبر تأجيل المفاوضات، وانتقد استمرار الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا.
وفي المقابل، رحب رئيس الوزراء السابق بويكو بوريسوف بالمبادرة الأمريكية للسلام، مع التشديد على أهمية التنسيق داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) واستمرار دعم أوكرانيا.