لائحة الاتحاد الأوروبي لمكافحة إزالة الغابات يواجه انتكاسات جديدة والشركات تدق ناقوس الخطر

1.12.2025, 12:15

رفة الأخبار الأوروبية (إي إن آر)

بروكسل أول ديسمبر/ كانون الأول (د ب أ/إن آر) - صوَّت نواب البرلمان الأوروبي مؤخرا من أجل مزيد من التأجيل، والتخفيف، للائحة كان من المقرر أن يعتمدها الاتحاد الأوروبي لمكافحة إزالة الغابات، وذلك بعد أن طلبت عدة دول أعضاء ومجموعات صناعية التأجيل، وقالت إن الإجراءات تنطوي على بيروقراطية مفرطة.

وبالنسبة لنشطاء البيئة في أوروبا، يشكل هذا انتكاسة جديدة عقب ختام مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في البرازيل (كوب30) دون التوصل إلى خطة عمل ملموسة للحد من تدمير الغابات.
وصوَّت البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء الماضي لصالح تبسيط "لائحة الاتحاد الأوروبي بشأن المنتجات الخالية من إزالة الغابات"، بدعم من حزب الشعب الأوروبي، والمجموعات اليمينية المتطرفة - وهي خطوة من المرجح أن تكون لها تداعيات سياسية طويلة الأمد. وجاء التصويت بأغلبية 402 صوت، مقابل 250، مع امتناع 8 أعضاء عن التصويت.

ووافق النواب على تأجيل دخول القواعد حيز التنفيذ لمدة عام إضافي، حتى 30 ديسمبر/كانون الثاني 2026، مع تمديد فترة السماح للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى 30 يونيو/حزيران 2027.
وبناء على طلب ألمانيا والنمسا، اللتين سبق أن أصدرتا انتقادات شديدة للائحة، تم إدراج بند للمراجعة يتيح إجراء مزيد من التبسيط مستقبلا.
وبالإضافة إلى تأجيل تطبيق القانون، سوف يتم تخفيف متطلبات الإبلاغ المفروضة على الشركات، بما في ذلك تقليل درجة الإلزام بتقديم بيان العناية الواجبة عند طرح أحد المنتجات في السوق الأوروبية لأول مرة.
وعقب تصويت يوم الأربعاء، سوف يبدأ البرلمان مفاوضات مع الدول الأعضاء حول تفاصيل التعديلات، والتي يتعين أن يعتمدها النواب، والدول أعضاء التكتل، ثم تُنشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي قبل نهاية عام 2025، حتى يدخل قرار التأجيل لعام واحد حيز التنفيذ.

تأجيل مرة... ثم ثانية
جرى اعتماد اللائحة في عام 2023، ورأت فيها المنظمات البيئية آنذاك مكسبا كبيرا لجهود حماية الطبيعة ومكافحة التغير المناخي.

ويحظر القانون تداول السلع التي يتم إنتاجها من أراضي تم إزالة الغابات منها بعد ديسمبر/كانون الثاني عام 2020، وتشمل القائمة منتجات مُعرّضة للخطر مثل القهوة والكاكاو والصويا والأخشاب وزيت النخيل وورق الطباعة والمطاط، والماشية.
وكان من المقرر إلزام الشركات التي تستورد هذه للسلع لدول الاتحاد الأوروبي الـ27 بتقديم بيانات تشمل إحداثيات جغرافية وصورا من الأقمار الصناعية تثبت أن المنتجات لا تأتي من أراضٍ أزيلت منها الغابات.

وبموجب الخطة الأصلية، فإن الشركات التي تشتري هذه السلع لاحقا، أو تعالجها أو تبيعها، ملتزمة بتقديم نفس البيانات.
وضمن شركات كثيرة، كان سوف يتم تطبيق ذلك على عمالقة الصناعة مثل شركة "فيريرو" الإيطالية لصناعة الشوكولاتة، والعملاقة "نستله" السويسرية للمواد الغذائية. وتشتري الشركتان الكاكاو لإنتاج الشوكولاتة.
ولكن المفوضية الأوروبية خلصت في وقت لاحق إلى أن عمليات التحقق الإضافية قد تؤدي إلى تحميل النظام الإلكتروني الداعم للقواعد ما يتجاوز طاقته، وأوصت بإلغاء هذا الشرط عن الجميع، باستثناء المستوردين الأوائل.
وكان من المقرر دخول اللائحة حيّز التنفيذ نهاية العام الماضي، لكن الموعد تأجل إلى ديسمبر/كانون الأول 2025 بسبب مشاكل تقنية في أنظمة المفوضية الأوروبية.

وأدى ذلك إلى طرح سلسلة من التعديلات الإضافية على مائدة التفاوض: ففي سبتمبر/أيلول الماضي، اقترحت المفوضية تأجيلا إضافيا لمدة عام، لكنها عادت في أكتوبر/تشرين الأول لتتمسك بموعد ديسمبر/كانون الأول عام 2025، مع فترات سماح تمتد حتى 12 شهرا.

وفي نهاية المطاف، اقترحت ألمانيا تبسيط القواعد وتأجيلها لعام آخر، حيث وافق سفراء دول الاتحاد السبع والعشرين على الاقتراح بأغلبية واسعة، مع امتناع هولندا وبلجيكا وتصويت إسبانيا ضد القرار.

وفي وقت لاحق، وافق المجلس الأوروبي على التعديل، قبل أن يصوِّت عليه البرلمان خلال الأسابيع التالية.
ولكن، هل رضي الجميع بذلك؟ وهل ترحب الشركات الأوروبية بتخفيف القيود؟ أم أن الغموض التشريعي يجعل المسار المستقبلي غير واضح؟

نعم لحماية الغابات.. لا لمزيد من البيروقراطية
ورغم رغبة الدول الأوروبية في حماية الغابات، تخشى بعض الحكومات من أن تؤدي اللائحة إلى إعاقة النمو الصناعي والاقتصادي، مما قد ينعكس مباشرة على المواطنين.
ووصفت منظمة يورو كوميرس، التي تمثل قطاع تجارة الجملة والتجزئة في أوروبا، التصويت بأنه "خطوة نحو تنظيم أكثر قابلية للتنفيذ".
وقالت إلس بيدرت، من يورو كوميرس: "يدعم قطاعنا تماما مكافحة إزالة الغابات، لكن الشركات تحتاج إلى وقت كي تستعد لتطبيق القواعد دون تعطيل سلاسل التوريد أو حركة التجارة."
وفي البرلمان الأوروبي، جاءت الأصوات المؤيدة للتعديل من حزب الشعب الأوروبي المحافظ، وأجزاء من كتلة "تجديد أوروبا"، وتحالف "وطنيون من أجل أوروبا"، اليميني المتطرف، وتحالف "أوروبا الأمم ذات السيادة"، الذي يضم نوابا من حزب البديل من أجل ألمانيا.

وأيدت الحكومة السويدية وحزب المعارضة الرئيسي في البلاد التأجيل، وقالت النائبة السويدية جيسيكا بولفيارد: "كان هناك كثير من علامات الاستفهام حول التشريع في بدايته… ولذلك، من الجيد تقويمه. وهذا أمر إيجابي لملاك الغابات السويديين".

كما دعت سلوفينيا إلى تبسيط اللائحة وتأجيل تنفيذها، حيث صرحت وزيرة الزراعة ماتييا تشالوشتش بأن بلادها تؤيد أهداف الاتحاد الأوروبي في وقف إزالة الغابات والحفاظ على التنوع البيولوجي، لكنها حذّرت من حدوث عبء غير متناسب على المزارعين وأصحاب الغابات والشركات.
وفي بلغاريا، انتقد قطاع صناعة الأخشاب الأعباء التنظيمية المتنامية، وأعرب عن تأييده لقرار التأجيل وتخفيف الضغط الإداري على المؤسسات الصغيرة.
ورغم ذلك، قالت وزارة البيئة والمياه في بلغاريا إن موقفها كان متوافقا مع خطة المفوضية التي تدعو إلى الالتزام بموعد 2025.

كما طالبت الشركات التشيكية بتأجيل اللائحة 12 شهرا، على الأقل، واستغلال هذه الفترة لتقليل البيروقراطية المفرطة، وفقا لغرفة التجارة في البلاد.
ووصف رئيس الغرفة، توماش بروزا، التشريع الحالي بأنه "اقتراح جرى إعداده بشكل سئ".

ورحب توماسّو فويتي، وزير الشؤون الأوروبية في إيطاليا، بالنسخة المعدلة التي رأى فيها "انتصارا مهما لإيطاليا وسلاسل الإنتاج لدينا"، وأكد أنها تمنح الشركات "أُطُرا زمنية واقعية للتكيف".
وهناك دول مثل النمسا - التي لا تتأثر كثيراً بإزالة الغابات - عارضت القانون من أساسه. ورحب حزب الشعب النمساوي المحافظ، وحزب الحرية اليميني المتطرف، بالتأجيل، ووصف النائب الأوروبي، رومان هايدر، اللائحة بأنها "وحش بيروقراطي جديد".

مكافأة المتقاعسين؟
أثار التردد المستمر بشأن القواعد استياء نشطاء البيئة والشركات التي استثمرت بالفعل مبالغ ضخمة للامتثال لها.

وحذّرت شركات مثل" فيريرو" و"نستله" من أن "التأجيل لمدة عام آخر يطيل أمد الغموض القانوني والسوقي، ويُعاقب الملتزمين الأوليين ويكافئ المتقاعسين".
وقال بيير جان سول براسييه- من منظمة فيرن البيئية- إن القرار يبعث بـ "إشارة كارثية على جميع المستويات"، ووصف التجاذبات حول القانون بأنها "كاريكاتير لسوء التخطيط الأوروبي."
وحذّرَ براسييه من أن "الشركات التي أنفقت الملايين للامتثال تواجه الآن حالة عدم استقرار"، مضيفا أن الباب بات مفتوحا أمام "تفريغ النص من مضمونه بالكامل".
ومن أبرز الأصوات المعارضة للتأجيل الإسبانية تيريزا ريبيرا، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، والتي انتقدت التأجيل والمراجعة قبل، حتى بدء التطبيق.
ودعت إسبانيا إلى تطبيق اللائحة دون تأخير، وانضمت مؤخرا إلى مبادرة ألمانية - أوروبية لدعم سلاسل توريد خالية من آثار إزالة الغابات.

وسوف تساهم مدريد في تطوير بوابة تجارية خالية من إزالة الغابات، لمساعدة الشركات في الامتثال لمتطلبات التتبع والعناية الواجبة.
وحتى في النمسا، التي تؤيد التأجيل بشدة، ظهرت أصوات معارضة، إذ هاجم النائب الأوروبي عن حزب الخضر، توماس فايتس، موقف بلاده، وقال: "شعار حزب الشعب النمساوي هو: التأجيل، ثم التخفيف، ثم جعل التنفيذ مستحيلا".
وتساءل فايتس: متى يدرك المحافظون أن تشريعات الاتحاد الأوروبي تخلف أثرا يتجاوز حدود بلدانهم؟